وإن كان حراما لم يكن فيه وزر.
وفي شرح المختار (45) من خطب النهج لابن أبي الحديد، ج 2 ص 156: قيل للحسين عليه السلام: إن أبا ذر كان يقول: الفقر أحب إلي من الغني والسقم أحب إلي من الصحة، فقال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول من اتكل إلى حسن الاختيار من الله، لم يتمن انه في غير الحال التي اختارها الله له، لعمري يا بن آدم الطير لا تأكل رغدا ولا تخبئ لغد، وأنت تأكل رغدا وتخبئ لغد، فالطير أحسن ظنا منك بالله عز وجل.
وروى ابن عساكر في تاريخ الشام: 64، 142، عن بعض من أسلم من أهل الكتاب، كلاما طويلا لعيسى بن مريم (ع) وفيه " يا بني إسرائيل لا تحملوا على اليوم هم غد، حسب كل يوم همه، ولا يهتم أحدكم لرزق غد، فإنكم لم تخلقوا لغد، وإنما خلق لكم غد، فخالق الغد يأتيكم فيه بالرزق، ولا يقولن أحدكم إذا استقبل الشتاء من أين آكل ومن أين ألبس ، وإذا استقبله الصيف يقول: من أين آكل ومن أي أشرب، فإن كان لك في الشتاء بقاء فلك فيه رزق، وإن كان لك في الصيف بقاء فلك فيه رزق، ولا تحمل هم شتائك وصيفك على يومك، حسب هم كل يوم بما فيه، يا معشر الحواريين ان ابن آدم خلق في الدنيا في أربعة منازل، فهو في ثلاثة منها بالله واثق وطنه بالله حسن، وفي الرابعة سئ (كذا) ظنه بالله يخاف خذلان الله إياه. أما المنزلة الأولى: فإنه يخلق في بطن أمه خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث: ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، يدر الله عليه رزقه في جوف ظلمة البطن، فإذا خرج من البطن وقع في اللبن، لا يسعى اليه بقدم، ولا يتناوله بيد، ولا ينهض إليه بقوة بل يكره عليه حتى يرتفع عن اللبن ويفطم ويقع في المنزلة الثالثة بين أبويه يكسبان عليه، فإذا ماتا تركاه يتيما، فعطف عليه الناس يطعمه هذا ويكسوه هذا رحمة الله،