البلايا، مصروفة عنه الفتن في عنفوان شبابه، وظهور جلده، وكمال شهوته، فعنى بذلك دهره، حتى إذا كبر سنه، ورق عظمه، وضعفت قوته، وانقطعت شهوته ولذته، فتحت عليه الدنيا شر فتوح، فلزمته تبعتها، وعلقته فتنتها، وأعشت (1) عينيه زهرتها، وصفت لغيره منفعتها، فسبحان الله ما أبين هذا الغبن، وأخسر هذا الأمر، فهلا إذا عرضت لك فتنتها ذكرت أمير المؤمنين عمر في كتابه إلى سعد - حين خاف عيه مثل الذي وقعت فيه عندما فتح الله على سعد -: أما بعد فاعرض عن زهرة ما أنت فيه حتى تلقى الماضين الذين دفنوا في أسمالهم، لاصقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم وبين الله حجاب، لم تفتنهم الدنيا ولم يفتنوا بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا. فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في كبر سنك ورسوخ علمك، وحضور أجلك. فمن يلوم الحدث في سنه، والجاهل في علمه، المأفون في رأيه (2) المدخول في عقله؟
إنا لله وإنا إليه راجعون. على من المعول؟ وعند من المستعتب؟ نحتسب عند الله مصيبتنا، ونشكوا إليه بثنا، وما نرى منك ونحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أسند أبو حازم: عن سهل بن سعد الساعدي وسمع