كان مع الدنيا على وجل! يا بؤس من يموت وتبقى ذنوبه من بعده. إنك لم تؤمر بالنظر لوراثك على نفسك، ليس أحد أهلا أن تردفه على ظهرك (1). ذهبت اللذة، وبقيت التبعة، وما أشقى من سعد بكسبه غيره، أحذر فقد أتيت، وتخلص فقد أدهيت، إنك تعامل من لا يجهل، والذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز فقد دنا منك سفر، وداو دينك فقد دخله سقم شديد، ولا تحسبن أني أردت توبيخك أو تعييرك (2) وتعنيفك، ولكني أردت أن تنعش (3) ما فات من رأيك، وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرت قوله تعالى: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * (4). أغفلت ذكر من مضى من أسنانك (5) وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب. فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به؟ أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه؟ وهل تراه أدخر لك خيرا منعوه؟ أو علمك شيئا جهلوه؟ بل جهلت ما ابتليت به من حالك في صدور العامة، وكلفهم بك أن صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلوا، وإن حرمت حرموا، وليس ذلك عندك. ولكنهم إكبابهم عليك، ورغبتهم فيما في يديك ذهاب عملهم، وغلبة الجهل عليك وعليهم،
(٨٠)