إن سعيد بن المسيب هذا، يسمى، راوية عمر بن الخطاب، لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته (1).
ومكائد بني أمية في تطميع العلماء أحد الدسائس والحيل المعمولة في تجليب الأقلام والأنفاس المؤثرة في العلم ولا سيما إذا كان مثل سعيد بن المسيب، والزهري ولذلك سعوا نحو استخدام هؤلاء من العلماء المطلعين على أحاديث المدنيين.
اما الزهري فإنه فعل ما فعل ورضى بما يرضاه بني أمية، ولكن سعيد بن المسيب ضرب وسجن وما رضى بفعال بني أمية أبدا.
وفي ذلك من الإشارات والنكت الدقيقة ما يكشف لكل من يطلب الحقائق من دور العلماء في مواجهة الخلفاء في أمر الحديث وتبدل السنن.
قال الزهري: جالست سعيد بن المسيب ثمان سنين (2)، وفي رواية عشرة وفي رواية ست سنين.
وعندما يحدث عند الخلفاء بالشام، يزين حديثه، بابن المسيب.
وإنهم أيضا يرضون بذلك، لأن الزهري تعلم عند سعيد وأخذ عنه الحديث وهو عالم المدينة بلا مدافعة (3) ويعتنى بني أمية بأحاديث الزهري عن سعيد بن المسيب لتحكيم ملكهم، أما نفس سعيد بالمدينة مكره جدا ولا يرضى أبدا بصنيعة الزهري عند الخلفاء.