لحاجبه: انظر، هل في المسجد أحد من حداثنا؟ فخرج فإذا سعيد بن المسيب في حلقته، فقام حيت ينظر إليه، ثم غمزه وأشار بأصبعه، ثم ولى، فلم يتحرك سعيد، فقال: لا أراه فطن، فجاء ودنا منه، ثم غمزه وقال: ألم ترني أشير إليك؟ قال: وما حاجتك؟ قال: أجب أمير المؤمنين. فقال: إلي أرسلك، قال: لا، ولكن قال: انظر بعض حداثنا فلم أر أحدا أهيأ منك. قال: اذهب فأعلمه أني لست من حداثة.
فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إلا مجنونا، وذهب فأخبر عبد الملك، فقال: ذاك سعيد بن المسيب فدعه (1).
سليمان بن حرب: وعمرو بن عاصم، حدثنا سلام بن مسكين، عن عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي، قال: حج عبد الملك بن مروان، فلما قدم المدينة، ووقف على باب المسجد أرسل إلى سعيد بن المسيب رجلا يدعوه ولا يحركه، فأتاه الرسول وقال: أجب أمير المؤمنين، وأقف بالباب يريد أن يكلمك. فقال:
ما لأمير المؤمنين إلي حاجة، ومالي إليه حاجة، وإن حاجته لي لغير مقضية، فرجع الرسول، فأخبره فقال: ارجع فقل له: إنما أريد أن أكلمك، ولا تحركه. فرجع إليه، فقال له: أجب أمير المؤمنين، فرد عليه مثل ما قال أولا. فقال: لولا أنه تقدم إلي فيك ما ذهبت إليه إلا برأسك، يرسل إليك أمير المؤمنين يكلمك تقول مثل هذا!
فقال: إن كان يريد أن يصنع بي خيرا، فهو لك، وإن كان يريد غير ذلك فلا أحل حبوتي حتى يقضي ما هو قاض، فأتاه فأخبره، فقال: رحم الله أبا محمد، أبى إلا صلابة (2).
زاد عمرو بن عاصم في حديثه بهذا الإسناد: فلما استخلف