روى الذهبي وأبو نعيم وابن عساكر، عن انس بن مالك انه قال: ان ابن شهاب سأله بعض بني أمية عن سعيد بن المسيب فذكره له وأخبره بحاله، فبلغ ذلك سعيد بن المسيب فقدم ابن شهاب فجاء يسلم على سعيد، فلم يكلمه ولم يرد عليه، فلما انصرف سعيد مشى معه ابن شهاب فقال: مالي سلمت عليك فلم تكلمني؟ ما بلغك عني الأخير؟ قال: لم ذكرتني لبني مروان؟ (1).
وفي رواية الذهبي عن ابن وهب عن مالك، قال: غضب سعيد بن المسيب على الزهري وقال: ما حملك على أن حدثت بني مروان حديثي؟ (2).
وروى ابن عساكر في " تاريخ مدينة دمشق ": فجئت سعيد بن المسيب في مجلسه في المسجد فدنوت لأسلم عليه، فدفع في صدري، وقال: انصرف، وأبى ان يسلم علي، قال فخشيت ان يتكلم بشئ يعيبني به فيرويه من حضره، قال فتنحيت ناحية قال: واتبعته ليخلو، فلما خلا وبقي وحده مشيت إلى جنبه، فقلت:
يا أبا محمد، ما ذنبي؟ انا ابن أخيك ومن مؤيديك، قال: فما زلت أعتذر إليه وأتنصل إليه، وما يكلمني بحرف، وما يرد علي كلمة حتى إذا بلغ منزله واستفتح ففتح له فأدخل رجله ثم التفت إلي، فقال: أنت الذي ذهبت بحديثي إلى بني مروان؟ (3).
وهذا البيان من سعيد بن المسيب يشعر بأن الزهري عنده كالمعاند والمحارب الساقط عن الإعتبار.
وان منزلة سعيد بن المسيب فوق ما يتصور من بين المحدثين.
ومن ذلك يعلم أن الزهري كلما حدث عن سعيد بن المسيب تكون بلا إذنه