ولا تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك، لكني أردت أن ينعش الله ما [قد] فات من رأيك ويرد إليك ما عزب من دينك وذكرت قول الله تعالى في كتابه: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * (1).
أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب. انظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت؟ أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه؟ أم هل تراهم ذكرت خيرا علموه [عملوه]؟ وعلمت [عملت] شيئا جهلوه؟ حظيت بما حل من حالك في صدور العامة، وكلفهم بك إذ صاروا يقتدون برأيك ويعملون بأمرك، إن أحللت أحلوا وإن حرمت حرموا وليس ذلك عندك، ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك، ذهاب علمائهم وغلبة الجهل عليك وعليهم وحب الرئاسة وطلب الدنيا منك ومنهم، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة، وما الناس فيه من البلاء والفتنة. قد ابتليتهم وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا، فتاقت نفوسهم إلى أن يبلغوا من العلم ما بلغت، أو يدركوا به مثل الذي أدركت، فوقعوا منك في بحر لا يدرك عمقه وفي بلاء لا يقدر قدره.
فالله لنا ولك وهو المستعان.
أما بعد فأعرض عن كل ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين