يرفدهم عند الملك وكان بهمن أحدهم.
أما جابان فقد سار حتى أتى أليس في صفر، واجتمعت إليه المسالح التي كانت بإزاء العرب، وعبد الأسود في نصارى العرب من بني عجل وتيم اللات، وضبيعة، وعرب الضاحية من أهل الحيرة، وسار إليهم خالد حين بلغه خبرهم - وهو لا يعلم بدنو جابان - فلما طلع جابان بأليس قالت له العجم: أنعاجلهم، أم نغدي الناس ولا نريهم أنا نحفل بهم ثم نقاتلهم؟ فقال جابان: إن تركوكم فتهاونوا بهم. فعصوه، وبسطوا البسط، ووضعوا الأطعمة، وتداعوا إليها، وتوافوا إليها، وإذا بخالد ينتهي إليهم، فحط الأثقال، وتوجه إليهم، وأعجلهم عن طعامهم، فقال لهم جابان: ألم أقل لكم، وحيث لم تقدروا على الاكل، فسموا الطعام فإن ظفرتم فأيسرها لك، وإن كانت لهم هلكوا بأكله، فلم يفعلوا، واقتتلوا قتالا شديدا، والمشركون يزيدهم كلبا وشدة ما يتوقعون من قدوم بهمن جاذويه، فصابروا المسلمين، وقال خالد: اللهم! إن لك علي إن منحتنا أكتافهم ألا أستبقي منهم أحدا قدرنا عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم.
ثم إن الله نصرهم، فنادى منادي خالد: الأسر، الأسر، لا تقتلوا إلا من امتنع. فأقبلت الخيول بهم أفواجا مستأسرين، يساقون سوقا، وقد وكل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم يوما وليلة وطلبوهم الغد، وبعد الغد، حتى انتهوا إلى النهرين، ومقدار ذلك من كل جوانب أليس، فضرب أعناقهم.
فقال لهم القعقاع وأشباه له: لو أنك قتلت أهل الأرض لم تجر دماؤهم، فإن الدم - بعد قتل ابن آدم - قد نهي عن السيلان إلا مقدار بردة، فأرسل عليها