كان حريا بهذا النداء أن يغير التاريخ على حساب العصبية القبلية، فإن زعامة قريش كانت في آل عبد مناف أعز قريش قبيلا وأكثرها عددا على اختلاف ذات بينها من هاشمية وأموية، فكيف بها وقد جمع شملها خشية خروج الزعامة من بيتها؟ فقد كانت آل عبد مناف تنقسم إلى بطون: هاشم ونوفل والمطلب وعبد شمس، وإن عبد شمس وحدها كانت تنقسم إلى أفخاذ: العبلات وربيعة وعبد العزى وحبيبة وأمية... الخ، وإن أمية وحدها كانت تنقسم إلى بيوت كثيرة، منها بيت حرب. فما ظنك بهذه البطون والأفخاذ إن اجتمعت هي وبنو أعمامها من قبائل قصي، إذن لقد صدق أبو سفيان في قوله: " وإن امرءا يرمي قصي وراءه - عزيز الحمى " وكان ذلك المرء عليا شبل شيخ الأباطح - أبي طالب - أما تيم بن مرة رهط أبي بكر فكان كما عرفها أبو سفيان: " أقل حي في قريش وأذلها " وكذلك كان (عدي) رهط عمر وإن كلا الرهطين لم يكونا من قصي - صميم قريش وسادتها -.
ولم يكن لنداء العباس وحده ما رأينا لنداء أبي سفيان من أثر، أما إذا اجتمعت اليدان والنداءان فهناك الصيلم (1).
برزت العصبية الجاهلية سافرة بعد وفاة الرسول (ص)، فالأنصار عندما اجتمعوا في سقيفتهم ليبايعوا سعدا إنما لبوا داعي العصبية وحدها فإنهم كانوا يعلمون بأن في المهاجرين من هو أفضل من سعد وأتقى. وكذلك الأوس قد اندفعت بداعي العصبية للمبادرة إلى بيعة أبي بكر لتدفع الامارة عن الخزرج، وإن جنوح عمر إلى هذه العصبية لجلي أيضا في حجاجه في السقيفة. ولم يشذ أبو سفيان عن غيره في موقفه لعلي وندائه له، غير أن عليا