العباس: فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر، فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عقد ولا عهد، فدعني فلاضرب عنقه، قال: فقلت: يا رسول الله إني قد أجرته، ثم جلست إلى رسول الله فأخذت برأسه فقلت: والله يناجيه الليلة دوني رجل. فلما أكثر عمر في شأنه، قلت: مهلا يا عمر! فوالله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف (1)... الخ.
إن ما ذكرناه مورد واحد مما ظهرت فيه العصبية القبلية جلية سافرة، فإن العصبية القبلية هي التي حفزت كلا من العباس وعمر ليشتدا نحو رسول الله بغية الوصول إلى ما يعنيهما من أمر العصبية القبلية.
وكذلك العصبية القبلية هي التي دفعت أبا سفيان إلى أن ينادي بعيد وفاة الرسول: " يا آل عبد مناف فيما أبو بكر من أموركم (2). ويقول: ما لنا ولأبي فصيل إنما هي بنو عبد مناف " (3). إذن فإن أبا سفيان الذي حارب ابن عمه الرسول فيما سبق كان صادقا في عزمه حينما قال: " أما والله لئن بقيت لأرفعن من أعقابهما " (4) لأنه الآن هو وأخوه وابن عمه على الغريب (5).