قد شذ عن هذه الفكرة ولم يرض أن يستولي على الحكم بالنعرة العصبية، وهو الذي اتبع الرسول في حربه للعصبية اتباع الفصيل أثر أمه، فهو يريدها دينية قرآنية لا قبلية جاهلية، ويطلب أنصارا من قبيل سلمان وأبي ذر وعمار ونظرائهم ممن يحدوهم المبدأ والعقيدة إلى نصرته (1)، ويأبى قبول نصرة أبي سفيان بداعي العصبية فإن فيه إحياء أمر الجاهلية، وإماتة حكم الاسلام.
إذا فإن أبا سفيان كان صادقا في تعصبه لعلي، غير أن نقلة الأحاديث وكتبة التاريخ لما كرهوا موقفه من بيعة أبي بكر، وصموه بأنه طالب فتنة، كما طعنوا في غيره من معارضي أبي بكر ووصموهم بالردة والفتنة.
ومن العجيب أنهم وضعوا ما وصموا به أبا سفيان على لسان علي نفسه، فقد رووا أن عليا عندما قال له أبو سفيان: " ما بال هذا الامر في أقل حي من قريش، والله لئن شئت لأملأنها خيلا ورجالا. قال: يا أبا سفيان طالما عاديت الاسلام وأهله فلم تضره بذلك شيئا، إنا وجدنا أبا بكر لها أهلا (2) ". ولا نعلم لم لم يجبه أبو سفيان ويقول له فلم لا تبايعه (3) إن كنت قد وجدته لها أهلا!