فرص النمو، لتعم ثروتها المباركة على النظرة التقليدية لوسائل جمع المال (1) وهذه الفكرة بديهية. وقد أكدت جميع التجارب صحتها.
ولا يصعب علينا أن نتبين روح هذه الفكرة في عهد الامام، فقد رأيت أنه قد أوصى الحاكم بالتجار والصناع، وأمره أن يرعى شؤونهم ويتفقد أحوالهم، ويفسح لهم في المجالات ليتسنى لهم أن يساهموا مساهمة خصبة في رفع مستوى الانتاج وانماء الحياة الاقتصادية.
وتأمل في قوله: (... فإنهم سلم لا تخاف بائقته وصلح لا تخشى غائلته) فإنه يؤكد فيه وجوب العناية بهم والرعاية لهم، لأنهم لا يخشى منهم شر، فطبيعة عملهم، والوجدان الذي يدفعهم إلى هذا العمل فيهما خير المجتمع ورفاهه.
وأما قوله: (وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك) بعد أن أمره وأمر عماله برعايتهم، فإنه يشبه أن يكون أمرا بانشاء دائرة خاصة تعنى بشؤون التجار.
* * * قلت: اننا لا يصعب علينا أن نتبين روح هذه النظرية في عهد الامام ولكن في هذا العهد ملاحظة عميقة واعية غفل عنها سان سيمون، وأولتها الأبحاث الاجتماعية الحديثة عناية كبيرة.
وذلك أنه إذا كان من الحق أن نعترف بأن طبقة التجار والصناع طبقة محبة للسلم، طبقة يعود نشاطها على المجتمع بالخير، فان من الحق أن نعترف أيضا انها تصير في بعض الأحيان ذات نشاط عدواني مضر بالمجتمع فعندما تستحكم (العقلية التجارية) في التاجر والصانع إلى حد أنها تدفع بهما إلى التماس الثروة من أقرب الطرق - عندما يحدث هذا تجنح هذه الطبقة إلى التسلط والسيطرة