الثاني: ان الوجدان الطبقي عند التجار والصناع واحد كما سنرى.
والميزان في عد طائفتين من الناس طبقة واحدة هو وحدة الوجدان الطبقي فيهما * * * هناك تلازم وثيق بين الازدهار الاقتصادي وبين التجارة، فكلما نشطت حركة التجارة ارتفعت نسبة الانتاج، وكلما ضعف أمر التجارة هبطت هذه النسبة، وتبعتها في الهبوط المكانة الاقتصادية للأمة.
نضرب لهذا مثلا بحالة المقاطعات الفرنسية في عصر الاقطاع، ثم بحالة هذه المقاطعات بعد ضعف أمر الاقطاع ونشوء البرجوازية.
ففي عهد الاقطاع الذي ساد أوربا منذ انهيار إمبراطورية شرلمان إلى ما بعد الحركة الأولى للحروب الصليبية ضعفت الحركة التجارية في أوربا ضعفا عظيما فتبعها الانتاج في الهبوط، واكتفى سكان كل اقطاعية بانتاج ما يلزمهم ويكفيهم من المواد الغذائية واقتصروا منها على أنواع خاصة تسد حاجتهم. ولا تستدعيهم بذل جهد كبير فلم يكن شئ سوي سد الحاجة مطلبا لهم. نعم كانت ثمة استثناءات خاصة في السلاح والثياب والأثاث للزعيم، وكانت هذه تنقل من أقاليم بعيدة نسبيا. وهكذا كانت المقاطعات الفرنسية كلها، تجنح في الاقتصاد نحو سياسة الاكتفاء الذاتي، وعدم انتاج ما يزيد على الحاجة.
ولكن ما ان التهبت شرارة الحروب الصليبية التي ذهبت بكثير من النبلاء والاقطاعيين، وما ان حدثت تطورات اجتماعية أخرى كالنزوح من الريف إلى المدينة، وتأييد الملك، واختراع المدفع الذي ذهب بقيمه الحصون.. ما ان حدث هذا حتى عادت التجارة فنشطت نشاطا عظيما، ونشأت طبقة البرجوازيين التجارية التي يتنقل افرادها بين البلدان، واستتبع ذلك ارتفاع مستوي الانتاج، فزرع الزراع أنواعا جديدة لم يكن ليزرعها لولا طلب التجار لها، واشترى