أشياء جديدة (ملابس وأسلحة، وآنية، وأدوات زينة) لم يكن ليقدر على شرائها لولا نشاطه الجديد، وتفنن الصانع في صنعه، فلم يعد يصنع ما يسد الحاجة فقط، وإنما أخذ يصنع ما يرضي حاسة الجمال أيضا. وقامت المشاريع الصناعية الكبرى فنشأت البرجوازية المالية والبرجوازية الصناعية. وهكذا ارتفع مستوى الانتاج بسبب نشاط الحركة التجارية.
وعندما نبحث عن أسباب التدهور الذي حل بفرنسا وغيرها من دول أوربا في عصر الاقطاع نجد أسبابا مختلفة.
منها عدم وجود الطرق التجارية الصالحة في جميع الأوقات بين مختلف أنحاء البلاد ومنها قطاع الطرق، وعصابات اللصوص والقتلة التي تترصد القوافل التجارية.
ومنها عدم وجود سلطة مركزية تبث الامن، وتضرب على أيدي المفسدين في الأرض، لان السلطة المركزية في عصر الاقطاع كانت واهنة وكان السلطان الفعلي بأيدي الاقطاعيين وكان هؤلاء في حالة حرب دائمة فيما بينهم في شغل عن تأمين السبل والضرب على أيدي المفسدين.
ومنها الرسوم الكمركية الفاحشة، والضرائب الباهظة التي تفرض على البضاعة عند حدود كل مقاطعة، وعند كل جسر ومعبر مما يرتفع بثمن السلعة إلى مبلغ كبير لا يقوى عليه الفرد المحدود الدخل.
هذه الأمور أضعفت الحركة التجارية وحصرتها في نطاق شديد الضيق.
ولكن الوضع تغير عندما حدثت التطورات الاجتماعية التي أشرنا إليها.
فلقد استتبع ضعف شأن الاقطاعيين تحول الشعب إلى تأييد الملك فاشتد ساعد السلطة المركزية، وعند ذلك ضربت هذه السلطة على أيدي اللصوص وقطاع الطرق ومهدت السبل التجارية وأمنتها، ووحدت الضرائب فاتسع مجال التجارة، ونجم عنها الازدهار الاقتصادي الذي أشرنا إليه.