حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه.
وذلك على الولاة ثقيل والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العافية، فصبروا أنفسهم ووثقوا بصدق موعود الله لهم).
عهد الأشتر ونستطيع أن نتصور عظيم اهتمامه عليه السلام بهذه الطبقة حين نتأمل قوله (ثم الله الله..) وقوله: (فلا تشخص همك عنهم، ولا تصعر خدك لهم) يأمر واليه بأن يتواضع لهم لئلا يشعروا بالذل من جهة، وليضرب لأغنياء رعيته مثلا من نفسه في معاملته لهذه الطبقة. وقوله: (فان هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى الانصاف من غيرهم). وأما قوله: (فان في هذه الطبقة قانعا ومعترا) وقوله: (وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم) وقوله: (وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن، ممن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه) فإنها تنطوي على مضمون عظيم القيمة، فهؤلاء الذين يمنعهم الحياء وشرف النفس من إظهار فقرهم ومن نصب أنفسهم للمسألة يموتون جوعا إذا لم يبحث عنهم الحاكم ويرعى أمورهم، ولذلك أمر الامام واليه بأن يتفقد هؤلاء وأمثالهم، ويوكل بهم من يتفقدهم.
ولا أظن أن حكومة من الحكومات الحديثة بلغ فيها التشريع العمالي، والتأمين الاجتماعي من النضوج والوعي للمسؤولية الاجتماعية إلى حد أن تؤلف هيئة تبحث عن ذوي الحاجة والفاقة فترفع حاجتهم بأموال الدولة، كما نرى ذلك في عهد الامام ولا أظن أن قلوب المشرعين وعقولهم اجتمعت على أن تخرج للدنيا تشريعا عماليا فأفلحت في أن تخرجه أنبض من تشريع الامام بالشعور الانساني العميق.
راجع عهد الأشتر