ولكنه في مورد ثان جعل القضاة والولاة والكتاب طبقة واحدة، وإن كان فيما بعد قد جري في الكلام عن الطبقات على تقسيمه الأول.
ومع أنه يمكن إدراج الكتاب والولاة في طبقة واحدة باعتبارهم إداريين من حيث الوظيفة، وباعتبار ان (نوع الحياة) الذي يحيونه واحد أيضا، فان مستوى الدخل والانفاق والتصورات الاجتماعية عندهم واحدة أو متقاربة تقاربا شديدا - أقول مع أنه يمكن إدراج هاتين الطائفتين في طبقة واحدة جعلهما الامام طبقتين متمايزتين. وأحسب أن الذي دفعه إلى ذلك رغبته الأكيدة في التنصيص التام على كيفية تأليف كل جهاز من أجهزة الحكم في الدولة لئلا يقع اللبس والابهام من اشتراك طائفتين مختلفتي مجال النشاط في حديث واحد.
ونحن، محافظة منا على إبراز جميع خصائص العهد، سنجري في كلامنا عن الطبقات حسب تقسيمه عليه السلام وإن لم تكن ثم ضرورة، بلحاظ الطبقات ذاتها، تدعو إلى اتباع هذا النهج.
* * * وبعد أن قسم الامام الطبقات على النحو الذي رأيت، تقدم بملاحظة ذات مغزى، وهي أن كل واحدة من هذه الطبقات، عدا الطبقة التي لا تستطيع عملا، ضرورية للمجتمع، والعمل الذي تقوم به ضروري الوجود، وكما أنه يعتد في وجوده على جهود الآخرين كذلك جهود الآخرين لم تكن لتوجد لولاه. ولذلك قال عليه السلام.
(الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنى لبعضها عن بعض.) لولا الجنود لا نعدم الامن، وحينئذ تنعدم التجارة ويختل نظام الزراعة، وإذا اختل هذان انهار الكيان الاجتماعي.
ولولا التجارة والزراعة لما وجدت الضرائب التي تمد الجنود بالمال والسلاح.