وبينما هو يأمرهم بهذا يضع عليهم العيون والرقباء ليرى مدى طاعتهم وتنفيذهم لأوامره.
لقد كان عليه السلام، بهذا، أول من اخترع نظام التفتيش.
ولقد كان يكتب إلى ولاته: (إن أعظم الخيانة خيانة الأمة (1)) وليس الولاة أعضاء في شركة مساهمة هدفها أن تستغل الأمة وإنما هم كما كان يكتب إليهم (خزان الرعية، ووكلاء الأمة، وسفراء الأئمة) (2).
وكون الأموال العامة هي أموال الأمة مفهوم لم يأخذ صيغته الحقة إلا على لسان الإمام عليه السلام وفي أعماله. لقد جاءه أخوه عقيل يطلب زيادة عن حقه فرده محتجا بأن المال ليس له وإنما هو مال الأمة (3)، وجاءه ثان يطلب إليه أن يعطيه مالا، مدلا بما بينهما من رابطة الحب فرده قائلا: (إن هذا المال ليس لي ولا لك وإنما هو فئ للمسلمين) (4).
* * * بهذا كله لم يكل الاسلام ولا الامام أمر التزام الفضيلة في السلوك إلى الضمير وحده وإنما جعلا لها سندا من القانون يكفل لها أن تصير واقعا اجتماعيا تنبني عليه العلاقات الاجتماعية والسلوك الانساني. ولكنهما لم يجعلا القانون كل شئ في حياة الانسان لئلا يكون آلة مسيرة لا تملك اختيار ما تريد، وإنما أناطا جانبا من سلوكه بملزمات الضمير بعد أن أيقضا هذا الضمير. ولم يكلا أمر