النفوذ والهيبة بعدت الطاعة عن منال يديه، وحينئذ لا ينجح في عمله العسكري.
ويجب أن يكون واجدا لصفة الخبرة بمن يعمل تحت يديه من مرؤوسيه، عارفا بامكاناتهم وكفاءاتهم، ليضع كلا منهم في موضعه اللائق به، لان خطأ بسيطا في تعيين قائد ربما أدى إلى كارثة قومية.
ويجب أن يكون واجدا للثقافة العسكرية: عارفا بأساليب قيادة الجيش وحركاته، والاستراتيجية العسكرية.
ولما كان القائد هو المثل الاعلى للجندي وجب أن يكون هذا القائد مثلا يحتذي لجنوده في الصبر على المكاره، والتفاني في القيام بالواجب، وهما من ألزم الصفات العسكرية في الجنود والقادة على السواء.
ولا توجد هذه الصفات في عامة الناس، وهي ليست صفات تنحدر بالوراثة من جيل إلى جيل، بل لابد فيها من التربية المنهجية الواعية.
ولم تكن في زمن الإمام عليه السلام مدارس وكليات عسكرية تقدم مثل هؤلاء القادة في كل وقت.
هذه الملاحظات دفعت بالامام إلى تعيين العناصر التي يؤخذ منها هؤلاء.
هذه العناصر هي البيوتات الشريفة ذات الأحساب والتقاليد المتوارثة، فقد كانت هذه البيوتات تأخذ أبناءها بتربية قاسية واعية توفر لهؤلاء الأبناء الثقافة العسكرية، وهي من أهم ما كان يأخذ به العرب ويعنون باتقانه، وتغرس في أنفسهم الشعور بالمسؤولية والتحمل والصبر على المكاره. وقد كانت هذه البيوتات تحتل في نفوس أبناء الشعب، وهم الذين يؤخذ منهم عامة الجند، مركزا ساميا حصلت عليه بسبب الخدمات التي تقدمها هذه البيوت للأمة في الحرب والسلم على السواء، وهذا يوفر للقائد صفة الهيبة، ويضمن له نفوذ الامر وحصول الطاعة.