وسهلت له الصعاب بعد إنصابها، وهطلت عليه الكرامة بعد قحوطها، وتحدبت عليه الرحمة بعد نفورها، وتفجرت عليه النعم بعد نضوبها، ووبلت عليه الكرامة بعد إرذاذها) (1).
وقال عليه السلام:
(. فإن تقوى الله مفتاح سداد، وذخيرة معاد، وعتق من كل ملكة، ونجاة من كل هلكة، بها ينجح الطالب، وينجو الهارب، وتنال الرغائب (2).
ولكن ما هي التقوى؟
إن الإمام عليه السلام لم يتعرض لوصف التقوى من داخل إذا صح التعبير.
انه اكتفى - على كثرة ما قاله فيها - بوصفها من خارج: ميزاتها، وفضلها، وثمرتها، وأصحابها، أما هي بذاتها: مقوماتها، طبيعتها، فأمر لم يتعرض له له الإمام عليه السلام وإنما تعرض له القرآن.
ولعل الامام ترك الكلام في هذه الجهة اعتمادا على ما جاء في القرآن، واعتمادا على أن المسلمين إذ ذاك كانوا ولا شك يعون ما هي التقوى، فاكتفى بتشويقهم إلى الاخذ بها والاعتصام بحبلها. أو ان الامام قد تكلم في هذا الموضوع وأعطاه حقه من البيان ولكن الشريف رحمه الله لم يقع على شئ منه، أو وقع عليه ولم يكن بين ما اختاره. وعلى أي حال ففيما قدمه لنا القرآن غنى وكفاية.