وقد عالج هذا الواقع الذي سيق (؟) إليه بالتسوية بين الناس في العطاء، فالشريف والوضيع، والكبير والصغير، والعربي والعجمي، كلهم في العطاء سواء. فلم يجعل العطاء مظهرا للتفاضل بين الافراد والافراد والطبقات والطبقات.
وبهذا أظهر للناس أن القيمة ليست بالمال، وحال بين الفقراء والضعفاء وبين الشعور بالدونية، وبين الاشراف والأقوياء وبين أن يشعروا بالاستعلاء. وأهاب بالناس أن يثوبوا إلى الله فيجعلوا التقوى مناط التفاضل ومقياس التقويم.
وقد ثارت الطبقة الأرستقراطية لسياسة المساواة المالية التي قام بها الامام فأشاروا عليه أن يصطنع الرجال بالأموال، فقال:
(أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه؟
والله ما أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما، لو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله. ألا وأن اعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف..) (1) ولم يكن هذا كل ما ينتظر الطبقة الأرستقراطية على يديه يوم أمسك بالزمام، لقد كانت أموال الأمة تتدفق - تحت عينيه - قبل أن يتولى الحكم إلى جيوب فريق من الناس، فأخذ على نفسه عهدا بمصادرتها، بردها إلى أهلها، وكان أن أعلن للناس يوم ولي الحكم مبدأ من جملة المبادئ التي أعدها لمحاربة الفقر الكافر في مجتمعه الموشك على الانهيار، فقال:
(ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال. فإن الحق لا يبطله شئ. ولو وجدته قد تزوج به النساء،