لديهم مال كثير وآخرون لا يملكون من المال إلا قليلا لان التحكم التام في توزيع الثروات على نحو متساو أمر مستحيل إطلاقا. وإذا اختلفت المهن وتفاوتت الثروات فلابد أن يختلف مستوى المعيشة ويتفاوت طراز الحياة المادي والنفسي وحينئذ توجد الطبقات.
وقد رأينا أن التفاوت الطبقي يصير منبعا للصراع الطبقي إذا جعل الاقتصاد مثلا أعلى للحياة. وإذن، فالتفاوت الطبقي الناشئ عن التفاوت الاقتصادي خطر بقدر ما هو ضروري، وإذا لم يوضع للمجتمع نظام يذهب بالخطر من هذا التفاوت ويستبقي جانب الخير فيه فإنه خليق بأن يسبب للمجتمع بلبلة تقوده إلى الدمار.
وهنا تتجلى عبقرية الاسلام وعبقرية الامام.
فقد تدارك الاسلام هذه الثغرة فسدها بنظام من القوانين عظيم، وجاء الامام فوضع قيودا أخرى تحول بين التفاوت في مستوى الدخل وبين ان يحلف في المجتمع عقابيله الضارة، وآثاره الوبيلة.
وعند الحديث عن التدابير الحكيمة التي وضعها الاسلام لوقاية المجتمع من شرور التفاوت في المستوى الاقتصادي يجئ الحديث عن المثل الاعلى للحياة في الاسلام قبل كل حديث.
وحديثنا عن المثل الاعلى للحياة في الاسلام يسوقنا إلى الحديث عن المثل الاعلى للحياة عند الامام. وما نهج البلاغة إلا انعكاس الاسلام في نفس الامام.
ومن هنا كان الحديث عن أحدهما يلزمه الحديث عن الآخر كما تستهدي العين بخيوط الشعاع على مركز الاشراق.