- كما شاء دهاء عمرو بن العاص وغباء أبي موسى الأشعري أو سوء نيته - دأب معاوية على إرسال جيوش صغيرة سريعة فتضرب، وتقتل، وتنهب، وتروع الآمنين دون أن يعترضها معترض. فإذا ما دعا الامام رؤساء أصحابه إلى اللحاق بها تقاعسوا عنه وصموا أسماعهم دونه.
وأظهر مصاديق هذه الخيانة تجلت يوم سير معاوية جيوشه إلى مصر، فقد دعا الامام رؤساء أصحابه إلى إنجاد محمد بن أبي بكر قبل أن تفوت الفرصة وتملك عليهم مصر، فلم يجبه منهم مجيب حتى انتهى الامر بسقوط مصر في يد معاوية ومقتل محمد بن أبي بكر رحمه الله.
وقد كان عليه السلام يعرف كيف يجعلهم إلى صفه لو أراد، فيفضلهم، ويعطيهم الأموال، ويحملهم على رقاب الناس، ويرضي غرورهم القبلي، ولكن ذلك كان ينقلب به إلى جبار يدعم ملكه بالسيف، بدل أن يكون أبا للرعية تدعم سلطانه القلوب. لقد قال لهم مرة:
(.. وإني لعارف بما يصلحكم ويقيم أودكم (1)، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي) (2).
* * * هذا هو الواقع الاجتماعي والسياسي الذي كان عليه مجتمع الامام.
ومن الجلي ان مجتمعا يمارس حياته الاجتماعية والسياسية على هذا النحو مجتمع بعيد عن التقوى بعدا شاسعا، فالتقوى والقبلية شيئان متضادان، والتقوى