وقال الهذلي:
إن الكرام مناهبوك * المجد كلهم فناهب أخلف وأتلف، كل شئ * ذر عنه الريح ذاهب * * * وقالت امرأة:
أنت وهبت الفتية السلاهب (1) * وإبلا يحار فيها الحالب وغنما مثل الجراد الهارب * متاع أيام وكل ذاهب * * * وقال تميم بن مقبل:
فأخلف وأتلف إنما المال عارة * وكله مع الدهر الذي هو آكله * * * هذه الواقعية هي في العربي خلق أصيل كما رأيت.
وقد جاء الاسلام فأكدها، وهذبها، وسما بها، ووجهها وجهة اجتماعية.
فإذا كان الموت شيئا لازما لنا، وكنا نعتقد بأن وراء دنيانا هذه دنيا أخرى أعظم وأحفل وأنبل، أو دنيا أخرى أنكد وأجفى وأبلغ في الايذاء فلماذا لا نعد العدة لرحيلنا، ولماذا لا يلهينا حاضرنا الحقير عن مستقبلنا المرقوب؟