ولكن القوم أبوا عليه إلا أن يلي الحكم، وربما رأى عليه السلام انه إذا لم يستجب لهم فربما توثب على حكم المسلمين من لا يصلح له، فيزيد الفساد فسادا، ورجا أن يخرج بالناس من واقعهم الاجتماعي التعس الذي أحلتهم فيه اثنتا عشرة سنة مضت عليهم في خلافة عثمان، إلى واقع أنبل وأحفل بمعاني الاسلام، وهكذا استجاب لهم، فبويع خليفة للمسلمين.
ولقد دأب، بعد أن بويع، على بيان الهدف الذي ابتغى من وراء ولاية الحكم، وذلك بأن يكون في مركز يمكنه من أن يصلح ما يفتقر إلى الاصلاح من شؤون الناس، وأن يرفع عن المظلومين فادح ما رزحوا تحته من ظلم، فتراه يقول:
(. أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة (1)، لولا حضور الحاضر (2) وقيام الحجة بوجود الناصر (3)، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة (4) ظالم ولا سغب (5) مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها (6)، ولسقيت آخرها