المستوى المعيشي ولكنه يكون بسبب قربه من القيمة العليا التي هي الفضيلة في ذروة الهرم الاجتماعي (1).
ومهما يكن من أمر فإن هذه القيم التي ذكرنا تستتبع أحكاما تقويمية تختلف باختلافها، ويتشكل وضع المجتمع صحة وفسادا بسبب ما تخلفه فيه هذه القيم من آثار، وهذا ما نلمسه حين ندرس الطبقات على أساس ان المثل الاعلى للحياة هو الفضيلة أو الاقتصاد.
فتارة تكون القيمة العليا للحياة هي الفضيلة.. هي ان يكون الانسان فاضلا رحيما بالضعفاء، باذلا لهم المعونة دون أمل في تلقي الجزاء، ساعيا في خدمة النوع مؤثرا لذلك على مصالحة الخاصة وأطماعه، مستعدا للتعاون مع الغير في سبيل المنفعة العامة، منافحا عن الحق أيا كان موطنه ومستقره، محاربا الباطل في جميع أشكاله وألوانه، شاعرا بمسؤوليته كانسان، عاملا على ضوء هذه المسؤولية بحرارة وإيمان.
تارة تكون القيمة العليا للحياة عبارة عن هذا، وحينئذ تتحدد المراتب الاجتماعية على أساس هذه المفاهيم، فيرقى إلى القمة كل من استطاع ان يجعل من نفسه مثلا أعلى للفضيلة، ويحتل المرتبة السفلى من المجتمع أولئك الذين لا فضيلة لهم أو الذين يستمسكون بالفضيلة استمساكا واهيا، وما بينهما تتفاوت المراتب الاجتماعية على أساس الحصيلة الأخلاقية التي يحويها الانسان ويعمل عليها.
في مجتمع كهذا توجد طبقات، وقد رأيت الأساس الذي أدى إلى انقسامها، ولكن هذا التفاوت الطبقي الناشئ عن تفاوت المستوى الاقتصادي والمعيشي عند هذه الطبقات من الناس لا يأخذ صفة الصراع المتمثل في استغلال الطبقات العليا للسفلى ومحاولة هذه الأخيرة التفلت من أسر هذا الاستغلال بالثورة أو