بالرفعة والانحطاط على حسب قربها أو بعدها عن القمة والحضيض. واذن، فإذا كان لكل طبقة من الناس قيمة معينة في التصنيف الهرمي الاجتماعي، فمن أين جاء هذا التصنيف الذي يستتبع احكاما تقويمية لمختلف الطبقات؟
اننا، فيما أحسب، لا نستطيع أن نضع أيدينا على ضابط حقيقي لهذا التصنيف الاجتماعي إلا إذا درسناه من زاوية القيمة العليا للحياة. وذلك لان أي حكم تقويمي إنما حدث بسبب هذه القيمة العليا، فترى انه كلما قرب المرء من هذه القيمة وشارك فيها وزاد في تأكيدها واكتسب خصائصها، ارتفعت قيمته وعلت منزلته، وبالعكس نراه كلما بعد عنها ولم يساهم إلا بقسط ضئيل فيها أو لم يساهم فيها على الاطلاق هبط في المنزلة الاجتماعية.
والقيمة العليا للحياة قد تكون المال والثروة، أو الفضيلة، أو السياسة، أو الحرب.
وقد تكون هذه القيمة العليا عبارة عن المبدأ الذي استدعى التشعب الطبقي، وذلك كما في المجتمعات التي يكون الاقتصاد هو القيمة العليا فيها، فقد رأينا ان الاقتصاد وحده أو منضما إلى المهنة يكون مبدأ للانقسام الطبقي فإذا ما كان بالإضافة إلى هذا قيمة عليا أيضا استتبع حينئذ أحكاما تقويمية تتفاوت بتفاوت القدرة الاقتصادية التي تملكها كل طبقة من الطبقات.
وقد تكون القيمة العليا شيئا آخر غير المبدأ الذي سبب الانقسام الطبقي وحينئذ تحدث هذه القيمة انقساما في داخل كل طبقة من الطبقات، وذلك كما لو كانت القيمة العليا للحياة عبارة عن الفضيلة، فإن هذه القيمة تستتبع أحكاما تقويمية تحدث انقساما في داخل الطبقات نفسها، فقد يكون الفرد منتسبا من حيث المهنة أو المهنة والدخل أو القوة الاقتصادية إلى طبقة ضعيفة ومنحطة