وثانيا، بأن وجه غريزة المقاتلة إلى موضوعين: أحدهما أعداء الاسلام الذين يكيدون له، ويبغون عليه، ويريدون اطفاء نور الله فيه. والثاني هو الشيطان، هذا الكائن الذي هو أعدى أعداء الانسان: يزين له الظلال، ويحبب إليه الانحراف، ويدفعه عن طريق الاغواء والاغراء إلى تشويه شخصية الانسانية وتلويثها.
وقد أكد الاسلام عداوة الشيطان للانسان تأكيدا مطلقا، وأكد وجوب الاحتراز منه، والحذر من مكائده، والتحصن من شباكه، تأكيدا مطلقا وبذلك وجه غريزة القتال والعدوان إلى موضوع يستفيد منه المجتمع أعظم الفائدة، فالانسان، منذ اليوم، يكافح الشيطان من أجل أن يسمو.. من أجل أن يحقق الانسان.
وقد أحرز النبي صلى الله عليه وآله نصرا باهرا حين استطاع، عن طريق الاسلام، أن يجمع العرب على عقيدة توحد بينهم في الوسائل والغايات، وأن يكون من الشراذم العربية أمة عربية. ولكن الظرف الزماني لم يسعفه على استئصال الروح القبلية من نفس العربي، فما أن قبضه الله إليه حتى حدث ما بعث هذه الروح من جديد.. حتى ولي الخلافة عثمان فعبرت عن نفسها بسبب سياسات معينة تعبيرات شديدة، فلما ولي الامام الحكم جوبه بهذا الواقع، واقع المجتمع العربي المسلم الذي ساقته الروح القبلية إلى مصير وبيل. فنصب نفسه لمحاربة هذه الروح.
* * * وقد كانت طريقته في العلاج فذة رائعة، سنقف في فصل آت على جانب منها يتناول التثقيف الفردي، وتعليم أصحابه روح الاسلام أما هنا فنتحدث عن كفاحه للروح القبلية باعتبارها نزعة هدامة ولابد انه عليه السلام تكلم كثيرا في هذا الموضوع، لان واقعه كان يدعوه