وقال الشهيد الثاني في موضع آخر:
" وعن مالك بن أنس أنه سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين (منها) لا أدري (1) وفي رواية أخرى: أنه سئل عن خمسين مسألة، فلم يجب في واحدة منها (2) وكان يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف خلاصه ثم يجيب (3).
وسئل يوما عن مسألة فقال: لا أدري. فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس من العلم شئ خفيف، أما سمعت قول الله تعالى: * (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) * (4). فالعلم كله ثقيل (5).
وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر (6) أحد فقهاء المدينة - المتفق على علمه وفقهه بين المسلمين - أنه سئل عن شئ فقال: لا أحسنه، فقال السائل: إني جئت إليك لا أعرف غيرك، فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي، والله ما أحسنه. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا بن أخي الزمها فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك مثل اليوم. فقال القاسم: والله لأن يقطع لساني أحب إلي أن أتكلم