العلم والحكمة في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة ٣٣٨
ومن المعلوم أنه إذا رؤي المحققون يقولون في كثير من الأوقات: " لا أدري "، وهذا المسكين لا يقولها أبدا، يعلم أنهم يتورعون لدينهم وتقواهم، وأنه يجازف لجهله وقلة دينه، فيقع فيما فر منه، واتصف بما احترز عنه لفساد نيته وسوء طويته.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله):
المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (1).
وقد أدب الله تعالى العلماء بقصة موسى والخضر (عليهما السلام) حين لم يرد موسى (عليه السلام) العلم إلى الله تعالى لما سئل هل أحد أعلم منك؟ (2) بما حكاه الله عنهما من الآيات المؤذنة (3) بغاية الذل من موسى (عليه السلام) وغاية العظمة من الخضر (عليه السلام) " (4).

(١) شرح المهذب: ١ / ٥٨، سنن أبي داود: ٤ / ٣٠٠، كتاب الأدب: ٤٩٩٧، النهاية: ٢ / ٤٤١ وفيه " لا يملك " بدل " لم يعط "، قال ابن الأثير في توضيح الحديث " أي المتكثر بأكثر مما عنده يتجمل بذلك، كالذي يري أنه شبعان، وليس كذلك، ومن فعله فإنما يسخر من نفسه، وهو من أفعال ذوي الزور، بل هو في نفسه زور، أي كذب "، وانظر مجمع الأمثال: ٢ / ١٥٠.
(٢) صحيح البخاري: ٢ / ٤٦ و ٤٧ / ٧٣ كتاب العلم، و ج ٢ / ٥٤ / ٧٧ و ج ٢ / ١٤١ - ١٤٥ / ١٢٣، تفسير مجمع البيان: ٦ / ٤٨١، مسند أحمد: ٥ / ١١٦ و ١١٧ و ١١١٨، صحيح مسلم: ٤ / ١٨٤٧ - ١٨٥٣، كتاب الفضائل: ٤٣ / الباب ٤٦، الترغيب والترهيب: ١ / ١٢٩ / ١ وإليك نص واحد منها مع التلخيص: "... سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل، جاءه رجل فقال له:
هل تعلم أحدا أعلم منك؟ قال موسى: لا. فأوحى الله إلى موسى: بل عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه... الخ ". ومثله روي في تفسير العياشي: ٢ / ٣٣٤ عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(٣) الكهف: ٦٥ - ٨٢.
(٤) منية المريد: ٢١٥ - 218.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»
الفهرست