فتراها مثلا في خطابها الخالد خاطبت عقول الناس وقلوبهم معا، ولكنها لم تتجاوز في احتجاجها الوجوه البديهية التي كان من القريب أن يستنكر اغضاء الخليفة عنها كل أحد، ويجر ذلك الاستنكار إلى معارضة حامية.
فقد نفت وجود سند لحكم الخليفة من الكتاب الكريم، ثم ذكرت ما يخالفه من الآيات العامة المشرعة للتوارث بين سائر المسلمين (1)، والآيات الخاصة الدالة على توريث بعض الأنبياء كيحيى وداود عليهما السلام، ثم عرضت المسألة على وجه آخر وهو: إن ما حكم به الخليفة لو كان حقا للزم أن يكون أعلم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه، لأنهما لم يخبراها بالخبر مع أنهما لو كانا على علم به لأخبراها به، ومن الواضح أن الصديق لا يمكن أن يكون أعلم بحكم التركة النبوية من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو علي الذي ثبتت وصايته (2) لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في قولها:
(يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: (وورث سليمان داود) (3) وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا: