بالأموال المعينة المتروكة بالفعل، بل لثبت لكل يتركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم يكن من تلك الأموال. وأيضا فمن حق البحث أن أتساءل عن فائدة الجملة التفسيرية، والغرض المقصود من ورائها فيما إذا كان الحكم المفهوم للخليفة من الحديث أن أملاك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تورث، فهل كان صدق التركة على الأموال القائمة مشكوكا، فأراد أن يرفع الشك لينطبق عليها الحديث، ويثبت لها الحكم بعدم التوريث؟ وإذا صح هذا التقدير فالشك المذكور في صالح الخليفة لأن المال إذا لم يتضح أنه من تركة الميت لا ينتقل إلى ا لورثة، فلا يجوز أن يكون الخليفة قد حاول رفع هذا الشك، ولا يمكن أن يكون قد قصد بهذا التطبيق منع الزهراء من المناقشة في انطباق الحديث على ما تطالب به من أموال، لأنها ما دامت قد طالبت بالأموال القائمة على وجه الإرث فهي تعترف بأنها من تركة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولنفترض أن الأموال القائمة قسم من التركة النبوية وليس المقصود منها مخلفات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميعا - ولعلها عبارة عن الأموال والعقارات الثابتة نحو فدك - فهل يجوز لنا تقدير أن غرض الخليفة من الجملة تخصيص الأموال التي لا تورث بها؟ لا أظن ذلك، لأن أملاك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تختلف في التوريث وعدمه. ونخرج من هذه التأملات بنتيجة وهي أن ا لمفهوم من الحديث للخليفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عن عدم تملكه للأموال القائمة، وأشار إليها بوصف التركة فقال: (ما تركناه صدقة)، فشأنه شأن من يجمع ورثته ثم يقول لهم: إن كل تركتي صدقة، يحاول بذلك أن يخبرهم بأنها ليست ملكا له ليرثوها بعده لأن ذلك هو المعنى الذي يمكن أن يختص بالأموال القائمة ويحدد موضوعه بها.
(١٦٨)