مراده من الضمير جماعة الأنبياء، لأن اللازم أن تعتبر عدم ذكر الخليفة لشئ من ذلك - مع أن الراوي لحديث لا بد له من نقل سائر ما يتصل به مما يصلح لتفسيره - دليلا على سقوط هذا الاعتراض. وأضف إلى هذا أن إغفال ذلك لم يكن من صالحه، وإذن فليكن الواقع اللفظي للحديث هو الواقع المأثور عن الخليفة بحدوده الخاصة بلا زيادة ولا نقيضة.
والمفهوم من الضمير حينئذ جماعة المسلمين لحضورهم ذاتا عند صدور العبارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد جرت عادة المتكلمين على أنهم إذا أوردوا جملة في مجتمع من الناس، وأدرجوا فيها ضمير المتكلم الموضوع للجماعة، أن يريدوا بالضمير الجماعة الحاضرة. فلو أن شخصا من العلماء اجتمع عنده جماعة من أصدقائه، وأخذ يحدثهم وهو يعبر بضمير المتكلم الموضوع للجمع بلا سبق ذكر العلماء، لفهم من الضمير أن المتكلم يعني بالجماعة نفسه مع أصدقائه الحاضرين لا معشر العلماء الذين يندرج فيهم، ولو أراد جماعة غير أولئك الحاضرين لم يكن مبينا بل ملغزا. وتعليقا على هذا التقدير ماذا تراه يكون هذا الحكم الذي أثبته الحديث للمسلمين - الذين قد عرفنا أن الضمير يدل عليهم - هل يجوز أن يكون عبارة عن عدم توريث المسلم لتركته؟ أو أن الأموال التي عند كل مسلم ليست ملكا له وإنما هي من الصدقات؟ كلا! فإن هذا لا يتفق مع الضروري من تشريع الإسلام، لأن المسلم في عرف القرآن يملك بألوان متعددة من أسباب الملك عند الناس، ويورث ما يتركه من أموال (بعد وصية يوصي بها أو دين) (1). وأنت ترى