واستدل به الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها، وأن لا يقطع منها شئ وهو قول الشافعي وأصحابه، وقال القاضي عياض: يكره حلقها وقصها وتحريقها.
وقال القرطبي في المفهم: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الكثير منها قال القاضي عياض: وأما الأخذ من طولها فحسن. قال: وتكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في قصها، وجزها قال: وقد اختلف السلف هل لذلك حد: فمنهم من لم يحدد شيئا في ذلك إلا أنه لا يتركها لحد الشهرة ويأخذ منها، وكره مالك طولها جدا، ومنهم من حدد بما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة.
2 - قال الغزالي في الإحياء 1: 146: قوله صلى الله عليه وسلم: اعفوا اللحى. أي كثروها وفي الخبر: إن اليهود يعفون شواربهم، ويقصون لحاهم، فخالفوهم وكره بعض العلماء الحلق ورآه بدعة. وقال في ص 148: وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل: إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس، فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين، واستحسنه الشعبي وابن سيرين، وكرهه الحسن وقتادة وقالا: تركها عافية أحب لقوله صلى الله عليه وسلم: اعفوا اللحى. والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب، فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز إليه، فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية.
3 - قال ابن حجر في فتح الباري 10: 288 عند ذكر حديث نافع: كان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه: الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالاعفاء على غير الحالة التي تشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه، فقد قال الطبري: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شئ من اللحية من طولها ومن عرضها، وقال قوم: إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد، ثم ساق بسنده إلى ابن عمر إنه فعل ذلك، وإلى عمر إنه فعل ذلك برجل، ومن طريق أبي هريرة إنه فعله، وأخرج أبو داود من حديث جابر بسند حسن قال: كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة. وقوله: نعفي. بضم أوله وتشديد الفاء أي نتركه وافرا، وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر فإن السبال بكسر المهملة وتخفيف الموحدة جمع سبلة بفتحتين وهي ما طال من شعر اللحية فأشار جابر