إلى أنهم يقصرون منها في النسك ثم حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية، هل له حد أم لا؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف، وعن الحسن البصري: إنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش، وعن عطاء نحوه قال: وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها، قال:
وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة، وأسنده عن جماعة واختار قول عطاء، وقال: إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به، واستدل بحدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، وهذا أخرجه الترمذي، ونقل عن البخاري أنه قال في رواية عمر بن هارون: لا أعلم له حديثا منكرا إلا هذا، وقد ضعف عمر بن هارون مطلقا جماعة.
وقال عياض: يكره حلق اللحية وقصها وتجذيفها، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن، بل تكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها كذا قال: وتعقبه النووي بأنه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها قال: والمختار تركها على حالها وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره. وكان مراده بذلك في غير النسك لأن الشافعي نقص على استحبابه فيه.
وقال في ص 289: أنكر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال: ليس المراد أنه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذ منها فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته، قال أبو شامة: وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس إنهم كانوا يقصونها. وقال النووي: يستثنى من الأمر بإعفاء اللحى ما لو نبتت للمرأة لحية فإنه يستحب لها حلقها، وكذا لو نبت لها شارب أو عنفقة.
4 - قال المناوي في [فيض القدير] 1: 198: اعفوا اللحى وفروها، فلا يجوز حلقها ولا نتفها، ولا قص الكثير منها، كذا في التنقيح، ثم زاد الأمر تأكيدا مشيرا إلى العلة بقوله: ولا تشبهوا باليهود في زيهم الذي هو عكس ذلك، وفي خبر ابن حبان بدل اليهود: المجوس. وفي آخر: المشركين. وفي آخر: آل كسرى. قال الحافظ العراقي: