أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه، وأن لا يبتغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غائلة سرا وجهرا، ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق، أشهد عليه فلان ابن فلان وكفى بالله شهيدا (1) فلما استقر له الأمر ودخل الكوفة وخطب أهلها فقال: يا أهل الكوفة! أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة و الحج؟ وقد علمت إنكم تصلون وتزكون وتحجون، ولكنني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم (إلى أن قال): وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين (2) وقال أبو إسحاق السبيعي: إن معاوية قال في خطبته بالنخيلة: ألا إن كل شئ أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به (3) قال أبو إسحاق: وكان والله غدارا (4).
وكان الرجل ألد خصماء ذلك السبط المفدى، وقد خفر ذمته، واستهان بأمره واستصغره، وهو الإمام العظيم، وقطع رحمه، وما راعى فيه جده النبي العظيم، ولا أباه الوصي المقدم، ولا أمه الصديقة الطاهرة، ولا نفسه الكريمة التي اكتنفتها الفضائل والفواضل من شتى نواحيها، ولم ينظر فيه ذمة الاسلام، ولا حرمة الصحابة ، ولا مقتضى القرابة، ولا نصوص رسول الله صلى الله عليه وآله فيه، ولعمر الحق لو كان مأمورا بقطعه وبغضه ومباينته لما وسعه أن يأتي بأكثر مما جاء به، وناء بعبأه، وباء بإثمه، فقد قنت بلعنه في صلواته التي تلعن صاحبها قال أبو الفرج: حدثني أبو عبيد محمد ابن أحمد قال: حدثني الفضل بن الحسن المصري قال: حدثني يحيى بن معين قال: حدثني أبو حفص اللبان عن عبد الرحمن بن شريك عن إسماعيل بن أبي خالد عن حبيب بن أبي ثابت قال: خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين جالسان تحت المنبر فذكر عليا فنال منه، ثم نال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه فأخذه الحسن بيده فأجلسه ثم قام فقال: أيها الذاكر عليا! أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية و