ألم تر إن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس (1) ومع ذلك لم يسمع أحد للوحوش والدواب نعيقا، وللشجر هفيفا، وللأحجار صعودا وهبوطا، بعنوان السجدة و التسبيح، فهو لا محالة إما بلسان ملكوتي، أو بعنوان جعل الاستعداد، أو الشهادة التكوينية التي لا تفارق كل موجود على حد قول القائل:
وفي كل شئ له آية * تدل على إنه واحد وعليه ينزل قوله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو. أي خلق ما يشهد له بأحد الوجوه المذكورة، وإلا فهي دعوى لا شهادة لها إن أريد بها ظاهرها.
أو إن للموجودات في تسبيحها وسجودها لغة وأطوارا لا يحسها البشر، إلا من اصطفاه الله من عباده المنتجبين، وعلمه منطق الطير، وعرفه لغة الحجر والشجر والهوام، لكن الشيخ الغواص أعطاء الله الكلمة النافذة في كل شئ حتى زارت وصرخت له الوحوش، ورقصت الحجارة، واشتبكت أغصان الأشجار، فحظيت بسماعها ورؤيتها آذان أولئك الغالين في فضائله ومقلهم، فحيى الله منحة المولى سبحانه لعبده أكثر مما عنده، ولك إمعان النظر وتدقيق البحث حول السجادة والغوص، وهذه كلها سهلة غير مستصعب على الشيخ مهما كان حفيد عمر الخلفية، وقد سمعت كراماته الظاهرة في العناصر الأربعة في الجزء الثامن ص 83 - 87 ط 1، هكذا يخلق أو يختلق الغلو الفضائل، وافقت العقل أم لم توافق.
- 68 - كرامة لابن مسافر الأموي قال عمر بن محمد: خدمت الشيخ عدي - ابن مسافر الشامي الأموي المتوفى 557 / 8 - سبع سنين شهدت له فيها خارقات أحدها: أني صببت على يديه ماء فقال لي:
ما تريد؟ قلت أريد تلاوة القرآن ولا أحفظ منه غير الفاتحة وسورة الاخلاص، فضرب بيده في صدري فحفظت القرآن كله في وقتي، وخرجت من عنده وأنا أتلوه بكماله.
[شذرات الذهب] لابن العماد الحنبلي 4: 180،