ما أعيى هذا الملك [المأخوذ فيه البأس والشدة من الله شديد البطش] حتى تمكن منه إنسان فصفعه وفقأ عينه؟ ثم لم يزل الخوف مزيج نفسيته حتى تخفى عن الذين هم في قبضته، ورهن تصرفه، حيث وكل بهم وبقبض أرواحهم، ولا كرامة لهم على الله ككرامة موسى النبي عليه السلام فيحاذر الصفعة منهم.
وإن تعجب فعجب إن مرسل ملك الموت وهو الله سبحانه لم لم يعطه بأسا يفوق كل بأس وهو يعلم من خلق، وإن فيهم من يجرأ على رسوله فيصفعه فيفقأ عينه، وفيهم من يخافه الرسول فيخفي نفسه عنه؟ أكان ذلك غفلة؟ أم أن خزانة القدرة قد نفدت؟ أم لم يكن يعلم ما يقع - وهو علام الغيوب - حتى وقعت الواقعة؟ أم لم يكن في صفوف الموظفين بعالم الملكوت أي تدريب حتى يتمكنوا مقابلة الشدايد إلى عهد موسى، ثم اطرد التدريب بإخفاء الموظف نفسه عند تنفيذ وظيفته؟! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وهلم معي إلى النبي المعصوم موسى على نبينا وآله وعليه السلام ونراه كيف يتجرأ على ملك الموت، وهو يعلم إنه رسول من الله العظيم، وإنه إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وإنه لا تجديه الصفعة والفقأة، وعلى فرض أن يهرب عنه هذا الرسول أو ينسحب عنه بانتظام فإنه يأتيه غيره أشد منه بأسا، لأن الله سبحانه مميته لا محالة، ولا مرد لمجري قضائه، وهب إنه تخلص من بأس هذا الملك فهل يتخلص من بأس مرسله المنتقم القهار، وقد أثار غضبه بمجابهة ممثله؟ أبعد الله الإفك والزور عليه سبحانه وعلى رسوله وملائكته، وانتقم من كل أفاك أثيم.
أضف إلى ذلك كله ما قاله سيدنا الحجة شرف الدين العاملي في كتاب أبي هريرة ص 86 مما لفظه:
ونحن لم برئنا من أصحاب الرس وفرعون موسى وأبي جهل وأمثالهم ولعناهم بكرة وأصيلا؟ أليس ذلك لأنهم آذوا رسل الله حين جاؤوهم بأوامره؟ فكيف نجوز مثل فعلهم على أنبياء الله وصفوته من عباده؟ حاشا لله إن هذا لبهتان عظيم.
ثم إن من المعلوم إن قوة البشر بأسرهم، بل قوة جميع الحيوانات منذ خلقها