الناس اليوم من حلق اللحية وتوقير الشارب، وهذه البدعة كالتي قبلها سرت إلى المصريين من مخالطة الأجانب واستحسان عوائدهم حتى استقبحوا محاسن دينهم وهجروا سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وآله فعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب. وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. رواه البخاري وروى مسلم عن ابن عمر أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أحفوا الشوارب واعفوا اللحى [إلى أن قال بعد ذكر عدة من أحاديث الباب]: والأحاديث في ذلك كثيرة وكلها نص في وجوب توقير اللحية وحرمة حلقها والأخذ منها على ما سيأتي.
ولا يخفى أن قوله: خالفوا المشركين وقوله: خالفوا المجوس. يؤيدان الحرمة فقد أخرج أبو داود وابن حبان وصححه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تشبه بقوم فهو منهم. وهو غاية في الزجر عن التشبه بالفساق أو بالكفار في أي شئ مما يختصون به من ملبوس أو هيأة، وفي ذلك خلاف العلماء منهم من قال بكفره وهو ظاهر الحديث. ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب.
فهذان الحديثان بعد كونهما أمرين دالان على أن هذا الصنع من هيئات الكفار الخاصة بهم إذ النهي إنما يكون عما يختصون به. فقد نهانا صلى الله عليه وآله عن التشبه بهم عاما في قوله: من تشبه. ومن افراد هذا العام حلق اللحية. وخاصا في قوله: وفروا اللحى خالفوا المجوس، خالفوا المشركين.
ثم ما تقدم من الأحاديث ليس على إطلاقه فقد روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. وروى أبو داود والنسائي: إن ابن عمر كان يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف. وفي لفظ: ثم يقص ما تحت القبضة. وذكره البخاري تعليقا. فهذه الأحاديث تقيد ما رويناه آنفا.
فيحمل الاعفاء على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلها.
وقد اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها والأخذ القريب منه.
الأول: مذهب الحنفية قال في [الدر المختار]: ويحرم على الرجل قطع لحيته