وصرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة (بالضم) وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد. وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم ا ه وقوله: وما وراء ذلك يجب قطعه. هكذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يأخذ من اللحية من طولها وعرضها، كما رواه الإمام الترمذي في جامعه، ومثل ذلك في أكثر كتب الحنفية.
الثاني: مذهب السادة المالكية حرمة حلق اللحية وكذا قصها إذا كان يحصل به مثلة. وأما إذا طالت قليلا وكان القص لا يحصل به مثلة فهو خلاف الأولى أو مكروه كما يؤخذ من شرح الرسالة لأبي الحسن وحاشيته للعلامة العدوي رحمهم الله.
الثالث: مذهب السادة الشافعية، قال في شرح العباب: فائدة قال الشيخان:
يكره حلق اللحية. واعترضه ابن الرفعة بأن الشافعي رضي الله عنه نص في الأم على التحريم. وقال الأذرعي: الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة بها. ا ه ومثله في حاشية ابن قاسم العبادي على الكتاب المذكور.
الرابع: مذهب السادة الحنابلة نص في تحريم حلق اللحية. فمنهم من صرح بأن المعتمد حرمة حلقها. ومنهم من صرح بالحرمة ولم يحك خلافا كصاحب الانصاف، كما يعلم ذلك بالوقوف على شرح المنتهى وشرح منظومة الآداب وغيرهما.
ومما تقدم تعلم أن حرمة حلق اللحية هي دين الله وشرعه الذي لم يشرع لخلقه سواه، وأن العمل على غير ذلك سفه وضلالة، أو فسق وجهالة، أو غفلة عن هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله ا ه نعم: لم يكن الشبلي ولا الحافظ الذي يثني عليه بحلق لحيته في حب الله، ولا الحفاظ الآخرون الذين أطنبوا القول حول لحية أبي بكر الصديق محتاجين إلى اللحية، بل كانوا يفتقرون إلى عقل تام كما جاء فيما ذكره السمعاني في الأنساب في [الرستمي] عن مطين بن أحمد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت له: يا نبي الله! أشتهي لحية كبيرة. فقال: لحيتك جيدة وأنت محتاج إلى عقل تام.