ويستعيبه في الديار المصرية فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما بجانبه والغزالي جالس بين يديه وهو يقول: يا رسول الله! هذا يتكلم في، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هاتوا السياط، وأمر به فضرب لأجل الغزالي، وقام هذا الرجل من النوم وأثر السياط على ظهره، ولم يزل كان يبكي ويحكيه للناس. وسنحكي منام أبي الحسن ابن حرزم المغربي المتعلق بكتاب (الإحياء) وهو نظير هذا.
قال الأميني: نعما هي لو صدقت الأحلام؟ إنا نحن نربأ صاحب الرسالة عن الاصفاق على تصديق مثل هذا الكتاب الذي هو في كثير من مواضيعه على الطرف النقيض لما صدع به من شريعته المقدسة، وليست أباطيل الغزالي بألغاز لا يحلها إلا الفني فيها، وإنما هي سرد متعارف يعرفها كل من وقف عليها من أهل العلم، وليس فهمها قصرا على قوم دون آخرين، فهي فتق لا يرتق، وصدع لا يرأب.
قال ابن الجوزي في المنتظم 9: 169: أخذ في تصنيف كتاب (الإحياء) في القدس ثم أتمه بدمشق إلا أنه وضعه على مذهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه مثل إنه ذكر في محو الجاه ومجاهدة النفس: إن رجلا أراد محو جاهه فدخل الحمام فلبس ثياب غيره، ثم لبس ثيابه فوقها، ثم خرج يمشي على محل حتى لحقوه فأخذوها منه وسمي سارق الحمام، وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيح، لأن الفقه يحكم بقبح هذا فإنه متى كان للحمام حافظ وسرق سارق قطع، ثم لا يحل لمسلم أن يتعرض بأمر يأثم الناس به في حقه. وذكر أن رجلا اشترى لحما فرأى نفسه تستحيي من حمله إلى بيته فعلقه في عنقه ومشى، وهذا في غاية القبح، ومثله كثير ليس هذا موضعه، وقد جمعت أغلاط الكتاب وسميته [إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء] وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المسمى [بتلبيس إبليس] مثل ما ذكر في كتاب النكاح: إن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت الذي تزعم إنك رسول الله. وهذا محال.
إلى أن قال:
وذكر في كتاب (الإحياء) من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل، وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل، فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف، وإنما نقل نقل حاطب ليل. وكان قد صنف للمستظهر كتابا في الرد على الباطنية، وذكر في آخر