أو جلده أو دعى عليه، وبعد ما هدأت ثورة غضبه وأطفأ نيران سخطه على أن ذلك وقع في غير محله، حتى لا يدنس ساحة الأبرياء طيلة حياتهم بشية العار ووسمة الشنار، ولا يشوه سمعة أناس نزهين في الملأ الديني أبد الدهر؟
وهلا كان للصحابة أن يستفهموا رسول الله صلى الله عليه وآله جلية الحال في كل تلكم الموارد ليعرفوا وجه ما أتى به من الهتيكة: هل وقع في أهله ومحله؟ حتى لا يتخذوا فعله مدركا مطردا في الوقيعة والتحامل، ولا يزري أحد أحدا جهلا منه بالموضوع اقتفاء لأثره صلى الله عليه وآله؟!
وهلا كان لمثل أبي سفيان ومعاوية والحكم ومروان وبقية ثمرات الشجرة الملعونة في القرآن ونظرائهم الملعونين بلسان النبي الأقدس أن يحتجوا برواية مسلم على من يعيرهم بلعن رسول الله صلى الله عليه وآله إياهم كعايشة أم المؤمنين وأمير المؤمنين وأبي ذر ووجوه الصحابة غيرهم؟
وها هنا دقيقة أخرى وهي: أن اللعنات والطعون المتوجهة في القرآن الكريم إلى أناس عناهم الذكر الحكيم ونوه بذلك الصادع الكريم صلى الله عليه وآله هل هي من الله تعالى كما زعموه في النبي الأقدس ومؤولة بمدايح ورحمات وقرب؟! فهي إلى جلالة أولئك القوم وقداستهم أدل من كونهم ملعونين مطرودين من ساحة رحمة الله تعالى، وهل الله سبحانه أعطى عهدا بذلك وآلى على نفسه أن يجعلها رحمة وزكاة وقربة؟
أم أنها باقية على مداليلها التي هي ناصة عليها؟! لا أدري ماذا يقول القوم، هل يسلبون الحقايق عن الألفاظ القرآنية كما سلبوها عن الألفاظ النبوية؟! وفي ذلك ارتاج لباب التفاهم وسد لطريق المحاورة، غير أن أحمال الكلام لم تراقب عليها دائرة المكوس، فللمتحذلق أن يقول ما شاء، وللثرثار أن يلهج بما يحبذه الهوى ولا يكترث. نعوذ بالله من التقول بلا تعقل.
28 - عن مسرة بن عبد الله الخادم قال: حدثنا كردوس بن محمد الباقلاني عن يزيد بن محمد المروزي عن أبيه عن جده قال: سمعت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه يقول فذكر خبرا فيه: بينا أنا جالس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله إذ جاء معاوية فأخذ رسول الله