نبي معصوم هذا؟ وكيف تتبع سنته؟ ويقتفى أثره عندئذ؟ وفي أي من حالتيه هو مقتدى البشر وحجة الخلق وقدوة الأمم؟ وما المائز بينه وبين أمته وكل يستحوذ عليه الغضب، ويقوده الهوى، وكان لأي أحد أسوة برسول الله صلى الله عليه وآله أن يقول مثل ذلك حين يقع في المسلمين بالسباب وينال منهم باللعن فتنقلب المعصية بتلك الدعوة اللاحقة طاعة وبرا وكفارة وقربة.
ومن هنا بلغت القحة والصلف من ابن حجر إلى أن تمسك بذيل حديث مسلم المثبت ما لا يقبله العقل والمنطق وتأباه الأصول الدينية المسلمة، فمنع بذلك عن لعن الحكم لعين رسول الله وطريده وابنه الوزغ ابن الوزغ (1) وللقوم في هذا المقام تصعيدات وتصويبات أو قل: خرافات ومخازي مثل ما حكي عن بعضهم (2) إن ظاهر هذا الحديث يعطينا إباحة تلكم المحظورات للنبي صلى الله عليه وآله فحسب، وعد السيوطي (3) من خصايص رسول الله صلى الله عليه وآله [باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بجواز لعن من شاء بغير سبب] وقال القسطلاني في المواهب 1: 395: كان له صلى الله عليه وسلم أن يقتل بعد الأمان، وأن يلعن من شاء بغير سبب، وجعل الله شتمه ولعنه قربة للمشتوم والملعون لدعائه عليه السلام. ألا يضحك ضاحك على عقلية هذا الأرعن؟ وإنه كيف يكون ذلك وقد فرض إن مصب هاتيك الطعون مستوجب للرحمة والحنان بالدعوة اللاحقة إياها؟ فما المجوز لنبي الرحمة هتك ستار أولئك وتفضيحهم بملأ من الاشهاد من غير استحقاق على مر الدهور؟ وهل الدعاء الأخير يرفع عنهم شية العار الملحقة بهم من الدعوة الأولى؟ وهل لإباحة تلكم الفواحش التي هي بذاتها فاحشة وقبايح عقلية لا تقبل التخصيص لصاحب الرسالة معنى معقول؟ وهل هتك حرمات المؤمنين مع حفظ الوصف لهم والمبدأ فيهم مما يستباح لأحد نبيا كان أو غيره؟! أما أنا فلا أعرفه وأحسب أن من ذهب إلى ذلك أيضا مثلي في الجهل.
وهلا كان لرسول الله والحالة هذه أن ينص بعد ما سب من لا يستحق أو لعنه