وأما مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فهو عدل القرآن والعالم بأسراره وغوامضه، كما أن عنده العلم الصحيح بكل مشكلة، والحكم البات عند كل قضية، والجواب الناجع عند كل عويصة، وقد صح عند الأمة جمعاء قوله الصادق المصدق صلوات الله عليه:
: سلوني قبل أن لا تسألوني، لا تسألوني عن آية في كتاب الله ولا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنبأتكم بذلك. راجع الجزء السادس ص 193 ط 2.
السنة.
وماذا تحسب أن يكون نصيب معاوية من علم الحديث الذي هو سنة رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله وفعله وتقريره؟ لقد عرفنا موقفه منها قوله هو فيما أخرجه أحمد في مسنده 4: 99 من طريق عبد الله بن عامر قال: سمعت معاوية يحدث وهو يقول: إياكم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا كان على عهد عمر. لماذا هذا التحذير عن الأحاديث بعد أيام عمر؟ ألان الافتعال والوضع كثرا بعده؟ أم لأن الصحابة العدول الموثوق بهم على عهد عمر وما قبله منذ تصرم العهد النبوي سلبت عنهم الثقة بعد خلافة عمر؟
فكأنهم ارتدوا - العياذ بالله - بعده كذابين وضاعين، ولازمه الطعن في أكثر الأحاديث وعدم الاعتداد بمدارك الأحكام، لأن شيئا كثيرا منها انتشر بعد ذلك الأجل، وما كانت الدواعي والحاجة تستدعيان روايتها قبل ذلك، على أن الجهل بتاريخ إخراجها، هل هو في أيام عمر أو بعدها؟ يوجب سقوطها عن الاعتبار لعدم الثقة برواتها وروايتها؟ ولم تكن الرواة تسجل تاريخ ما يروونه حتى يعلم أن أيا منها محاط بسياج الثقة، وأيا منها منبوذ وراء سورها.
وما خصوصية عهد عمر في قبول الرواية ورفضها؟ ألان الحقايق تمحضت فيه؟
ومن ذا الذي محضها، أم لأن التمحيص أفرد فيه الصحيح من السقيم؟ ومن ذا الذي فعل ذلك؟ أم أن يد الأمانة قبضت على السنة عندئذ، وعضتها بالنواجذ حرصا عليها، فلم يبق إلا لبابها المحض؟ فمتى وقعت تلكم البدع والتافهات؟ ومتى بدلت السنن؟ ومتى غيرت الأحكام؟ راجع الجزء السادس وهلم جرا.
ولعل قول معاوية هذا في سنة الرسول صلى الله عليه وآله كاف في قلة اعتداده بها، أو أنه كان ينظر إليها نظر مستخف بها، وكان يستهين بقائلها مرة، ويضرط لها إذا سمعها مرة