هذا هو الإفك والزور، يزيد شارب الخمر ومشتري اللهو خير مني؟ فقال معاوية: مهلا عن شتم ابن عمك فإنك لو ذكرت عنده بسوء لم يشتمك.
ثم التفت معاوية إلى الناس وقال: أيها الناس قد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ولم يستخلف أحدا، فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، وكانت بيعته بيعة هدى فعمل بكتاب الله وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين، فصنع أبو بكر ما لم يصنعه رسول الله، وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعون نظرا للمسلمين، فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف ونظرا لهم بعين الانصاف (1).
رحلة معاوية الثانية.
وبيعة يزيد فيها قال ابن الأثير: فلما بايعه أهل العراق والشام سار معاوية إلى الحجاز في ألف فارس فلما دناه من المدينة لقيه الحسين بن علي أول الناس فلما نظر إليه قال: لا مرحبا ولا أهلا، بدنة يترقرق دمها والله مهريقه، قال: مهلا فإني والله لست بأهل لهذه المقالة.
قال: بلى ولشر منها، ولقيه ابن الزبير فقال: لا مرحبا ولا أهلا، خب ضب تلعة، يدخل رأسه، ويضرب بذنبه، ويوشك والله أن يؤخذ بذنبه، ويدق ظهره، نحياه عني. فضرب وجه راحلته.
ثم لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال له معاوية: لا أهلا ولا مرحبا شيخ قد خرف وذهب عقله، ثم أمر فضرب وجه راحلته، ثم فعل بابن عمر نحو ذلك فأقبلوا معه لا يلتفت إليهم حتى دخل المدينة فحضروا بابه فلم يؤذن لهم على منازلهم ولم يروا منه ما يحبون فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها، وخطب معاوية بالمدينة فذكر يزيد فمدحه وقال: من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه؟! وما أظن قوما بمنتهين حتى تصيبهم بوائق تجتث أصولهم، وقد أنذرت إن أغنت النذر. ثم أنشد متمثلا.
قد كنت حذرتك آل المصطلق * وقلت: يا عمرو أطعني وانطلق إنك إن كلفتني ما لم أطق * ساءك ما سرك مني من خلق دونك ما استسقيته فأحس وذق