ثم خرج ومعه ذكوان فاتكأ على يد ذكوان وهو يمشي ويقول: تالله إن رأيت كاليوم قط خطيبا أبلغ من عائشة بعد رسول الله، ثم مضى حتى أتى منزله، فأرسل إلى الحسين بن علي فخلا به فقال له: يا بن أخي قد استوثق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم، يا بن أخي! فما أربك إلى الخلاف، قال الحسين: أرسل إليهم فإن بايعوك كنت رجلا منهم، وألا تكن عجلت علي بأمر. قال: نعم. فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحدا، فخرج وقد أقعد له ابن الزبير رجلا بالطريق فقال: يقول لك أخوك ابن الزبير: ما كان؟ فلم يزل به حتى استخرج منه شيئا.
ثم أرسل معاوية إلى ابن الزبير فخلا به فقال له: قد استوثق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم يا بن أخي فما أربك إلى الخلاف، قال: فأرسل إليهم فإن بايعوك كنت رجلا منهم، وأن لا تكن عجلت علي بأمر. قال: وتفعل؟ قال:
نعم. فأخذ عليه أن لا يخبر بحديثهما أحدا.
فأرسل بعده إلى ابن عمر فأتاه وخلا به فكلمه بكلام هو ألين من صاحبيه، وقال:
إني كرهت أن أدع أمة محمد بعدي كالضان لا راعي لها (1) وقد استوثق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر أنت تقودهم فما أربك إلى الخلاف، قال ابن عمر: هل لك في أمر تحقن به الدماء، وتدرك به حاجتك؟! فقال معاوية: وددت ذلك. فقال ابن عمر: تبرز سريرك ثم أجئ فأبايعك على أني أدخل فيما اجتمعت عليه الأمة، فوالله لو أن الأمة اجتمعت على عبد حبشي لدخلت فيما تدخل فيه الأمة. قال: وتفعل؟ قال: نعم ثم خرج.
وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فخلا به قال: بأي يد أو رجل تقدم على معصيتي؟ فقال عبد الرحمن: أرجو أن يكون ذلك خيرا لي. فقال معاوية: والله لقد هممت أن أقتلك. فقال: لو فعلت لأتبعك الله في الدنيا، ولأدخلك في الآخرة النار.
ثم خرج.
بقي معاوية يومه ذلك يعطي الخواص. ويدني بذمة الناس، فلما كان صبيحة اليوم