فقال معاوية: يرحمك الله، ليس عندك خلاف، ثم قال معاوية لعبد الرحمن بن أبي بكر نحو ما قاله لعبد الله بن عمر فقال له عبد الرحمن:
إنك والله لوددنا أن نكلك إلى الله فيما جسرت عليه من أمر يزيد، والذي نفسي بيده لتجعلنها شورى أو لأعيدها جذعة، ثم قام ليخرج فتعلق معاوية بطرف ردائه ثم قال: على رسلك، اللهم اكفنيه بما شئت، لا تظهرن لأهل الشام. فإني أخشى عليك منهم. ثم قال لابن الزبير نحو ما قاله لابن عمر، ثم قال له. أنت ثعلب رواغ كلما خرجت من جحر انجحرت في آخر، أنت ألبت هذين الرجلين، وأخرجتهما إلى ما خرجا إليه.
فقال ابن الزبير: أتريد أن تبايع ليزيد؟ أرأيت إن بايعناه أيكما نطيع؟ أنطيعك؟! أم نطعيه؟!
إن كنت مللت الخلافة فاخرج منها، وبايع ليزيد، فنحن نبايعه. فكثر كلامه وكلام ابن الزبير حتى قال له معاوية في بعض كلامه: والله ما أراك إلا قاتلا نفسك، ولكأني بك قد تخبطت في الحبالة. ثم أمرهم بالانصراف واحتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يخرج ثم خرج فأمر المنادي أن ينادي في الناس: أن يجتمعوا لأمر جامع فاجتمع الناس في المسجد وقعد هؤلاء (1) حول المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر يزيد فضله وقراءته القرآن ثم قال: يا أهل المدينة! لقد هممت بيعة يزيد وما تركت قرية ولا مدرة إلا بعثت إليها بيعته فبايع الناس جميعا وسلموا وأخرت المدينة بيعته وقلت بيضته وأصله ومن لا أخافهم عليه، وكان الذين أبوا البيعة منهم من كان أجدر أن يصله، والله لو علمت مكان أحد هو خير للمسلمين من يزيد لبايعت له.
فقام الحسين فقال: والله لقد تركت من هو خير منه أبا وأما ونفسا فقال معاوية كأنك تريد نفسك؟ فقال الحسين: نعم أصلحك الله. فقال معاوية: إذا أخبرك، أما قولك خير منه أما فلعمري أمك خير من أمه، ولو لم يكن إلا أنها امرأة من قريش لكان لنساء قريش أفضلهن، فكيف وهي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فاطمة في دينها و سابقتها، فأمك لعمر الله خير من أمه. وأما أبوك فقد حاكم أباه إلي الله فقضى لأبيه على أبيك. فقال الحسين: حسبك جهلك آثرت العاجل على الآجل. فقال معاوية: و أما ما ذكرت من إنك خير من يزيد نفسا فيزيد والله خير لأمة محمد منك. فقال الحسين: