الظالمون، إلى طامات صافقت على خطرها الكتاب ضرورة الدين.
فالاعتقاد بجهله بكل هذه الموارد وما شاكلها خير له من علمه بها ومروقه عنها وخروجه عن حكم الكتاب، ونبذه إياه وراء ظهره، كما ذهب إليه مولانا أمير المؤمنين و أمة صالحة من الصحابة، فالدعاء المزعوم له قد عدته الإجابة في كل ورد له وصدر.
وأما بعض الكتاب فما عسى أن يجديه نفعا إن كان يؤمن ببعض ويكفر ببعض؟
ولو كان يعرف من الكتاب قوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي.
وقوله تعالى: " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " وقوله تعالى:
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. وقوله تعالى: الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا. أو كان يعرف شيئا من أمثال هذه من كتاب الله لكان يعرف حده ولم يتعد طوره.
ومما لا نشك فيه أن ابن حجر الذي يقول: لا شك أن دعاءه صلى الله عليه وسلم مستجاب لا يأول الرواية بأنه أريد بها علم الكتاب لا العمل به، وإن أبى الزاعم إلا ذلك؟
فيا هبلته الهبول.
وإنا لا نعلم معنى " الحساب " وعلمه الذي جاء في هذه الرواية معطوفا على الكتاب ، فإما أن يراد به تطبيق أفعاله وتروكه على نواميس الشريعة المقررة، أو علمه بكل ما يحاسب عليه الله عباده، فيخرج من العهدة من غير تبعة، أو أنه يحاسب نفسه قبل أن يحاسب بكل قول وعمل، أو أنه يقسم بالسوية فيعطي كل ذي حق حقه، ولا يحيف في مال الله، ولا يميل في أعطيات الناس بمحاباة أحد وقطع آخر من غير تخط عن سنن الحق، أو أنه يعرف فروض المواريث الحسابية، أو أنه يعلم بقواعد الحساب العددية من الجمع والضرب والتقسيم والتفريق والجبر والمقابلة والخطأين إلى أمثالها من أصول علم الحساب.