تعرف بهذا الحديث وغيره شدة حرصه صلى الله عليه وآله على أن يكون السلم دائما بين أمته، فدعا الله تارة أن لا يكون بأس أمته بينهم كما في حديث مسلم، وتارة أن يجعل معاوية هاديا مهديا لأنه بلا ريب يعلم أن معاوية أكبر من يبغي ويجعل بأس الأمة بينهما، فمآل الدعوتين واحد وعدم الإجابة في حديث مسلم تستلزم عدمها في حديث الترمذي، والمناسبة بل التلازم بينهما واضح بين، وفي معنى حديث مسلم هذا جاءت أحاديث كثيرة ومرجعها واحد.
الرواية الثانية.
اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب.
في إسنادها الحارث بن زياد، وهو ضعيف مجهول كما قاله ابن أبي حاتم، عن أبيه، وابن عبد البر، والذهبي، كما في ميزان الاعتدال 1: 201، وتهذيب التهذيب 2: 142، ولسان الميزان 2: 149. وهو شامي غير مكترث لرواية الموضوعات في طاغية الشام.
وإن متنه لفي غنى عن أي تفنيد فإن المراد به إما علم الكتاب كله أو بعضه، و نحن لم نجد عنده شيئا من علم الكتاب فضلا عن كله، فإن أعماله وتروكه مضادة كلها لمحكمات الذكر الحكيم، من إيذاء رسول الله صلى الله عليه وآله بإيذاء أهل بيته وصلحاء أمته، ولا سيما صنوه وخليفته المفروض طاعته الذي هو نفسه، ومطهر عن أي رجاسة في نصوص من الكتاب العزيز.
ومن إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا إثما لمحض ولائهم من قرن الله ولايته بولايته وولاية رسوله.
ومن القتل الذريع للصلحاء الأبرار، لعدم نزولهم على رغباته الباطلة، وميوله وأهواءه.
ومن الكذب الصراح، وكل فرية وبهت وإفك وقول زور، طفح الكتاب بتحريمها النهائي.
ودع عنك بيع الخمر وشربها، وأكل الربا، وتبديل سنة الله التي لا تبديل لها متى ما خالفت خطته السيئة، وتعديه حدود الله، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم