فإن دعاء النبي صلى الله عليه وآله مستجاب لا محالة يقوله ابن حجر، ونحن في نتيجة البحث والاستقراء التام لأعمال معاوية لم نجده هاديا ولا مهديا في شئ منها، ولعل ابن حجر يصافقنا على هذه الدعوى، وليس عنده غير أن الرجل مجتهد مخطئ في كل ما أقدم وأهجم، فله أجر واحد في مزعمته، ولا يلحقه ذم وتبعة لاجتهاده، وقد أعلمناك أن عامة أخطاءه وجرائمه مما لا يتطرق إليه الاجتهاد، على ما أسلفنا لك أنه ليس من الممكن أن يكون معاوية مجتهدا لفقدانه العلم بمبادئ الاستنباط من كتاب وسنة، وبعده عن الإجماع والقياس الصحيح.
أو هل ترى إن الدعاء المستجاب كهذا يقصد به هذا النوع من الاجتهاد المستوعب للأخطاء في أقوال الرجل وأفعاله؟ حتى أنه لا يرى مصيبا في واحد منها، وهل يحتاج تأتي مثل هذا الاجتهاد إلى دعاء صاحب الرسالة؟ فمرحبا بمثله من اجتهاد معذر، وهداية لا تبارح الضلال.
ثم من الذي هداه معاوية طيلة أيامه، وأنقذه من مخالب الهلكة؟! أيعد منهم ابن حجر بسر بن أرطاة الذي أغار بأمره على الحرمين، وارتكب فيهما ما ارتكبه من الجرائم القاسية؟!
أم ضحاك بن قيس الذي أمره بالغارة على كل من في طاعة علي عليه السلام من الأعراب، وجاء بفجايع لم يعهدها التاريخ؟!
أم زياد بن أبيه أو أمه الذي استحوذ على العراق، فأهلك الحرث والنسل، وذبح الأتقياء، ودمر على الأولياء، وركب نهابير لا تحصى؟! أم عمرو بن العاص الذي أطعمه مصر فباعه على ذلك دينه بدنياه، وفعل من الجنايات ما فعل؟!
أم مروان بن الحكم الطريد اللعين وابنهما الذي كان لعنه عليا أمير المؤمنين على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدة أعوام إحدى طاماته؟!
أم عمرو بن سعيد الأشدق الجبار الطاغي الذي كان يبالغ في شتم علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه وبغضه إياه؟!
أم مغيرة بن شعبة أزنى ثقيف الذي كان ينال من علي عليه السلام ويلعنه على منبر