لا، بل: خمر تباع لفلان، فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلا بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان إلى أبي هريرة يقول له: أما تمسك عنا أخاك عبادة؟ أما بالغدوات فيغدوا إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم، وأما بالعشي فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا أو عيبنا، فأمسك عنا أخاك، فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال له: يا عبادة! مالك ولمعاوية؟ ذره وما حمل، فإن الله يقول: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم. قال: يا أبا هريرة؟
لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ولنا الجنة، فهذه بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بايعناه عليها فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الله له بما بايع عليه نبيه. فلم يكلمه أبو هريرة بشئ.
3 - وأخرج في التاريخ 7 ص 213 من طريق عمرو بن قيس قال: إن عبادة أتى حجرة معاوية وهو بأنطرطوس (1) فألزم ظهره الحجرة وأقبل على الناس بوجهه وهو يقول: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أبالي في الله لومة لائم، ألا إن المقداد بن الأسود قد غل بالأمس حمارا، وأقبلت أوسق من مال، فأشارت الناس إليها فقال: أيها الناس إنها تحمل الخمر، والله ما يحل لصاحب هذه الحجرة أن يعطيكم منها شيئا، ولا يحل لكم أن تسألوه، وإن كانت مقبلة - يعني سهما - في جنب أحدكم، فأتى رجل المقداد وفي يده قرصافة، فجعل يتل الحمار بها وهو يقول: معاوية! هذا حمارك شأنك به، حتى أورده الحجرة.
4 - وفد عبد الله (2) بن الحارث بن أمية بن عبد شمس على معاوية فقر به حتى مست ركبتاه رأسه ثم قال له معاوية: ما بقي منك؟ قال: ذهب والله خيري وشري،